للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معاقَبٌ على التنعم بها في غير طاعته.

والثالث يتقلب في ذلك ويتناوله بحكم الغفلة ونهمة (١) النفس وطبيعتها، لم يبتغِ (٢) بذلك رضوان الله و التقرب إليه، فهذا خسران بيّن، إذ عطَّل أوقاتَ عمره التي لا قيمة لها عن أفضل الأرباح والتجارات.

فدعا الله سبحانه الموحدين إلى هذه الصلوات الخمس رحمةً منه عليهم، وهيّأ لهم فيها أنواعَ العبادة (٣)، لينال العبد من كل قول وفعل وحركة وسكون حظَّه من عطاياه.

وكان سرُّ الصلاة ولبُّها إقبال القلب فيها على الله وحضوره بكليته بين يديه، [٤٩ أ] فإذا لم يُقبل عليه واشتغل بغيره ولها بحديث النفس، كان بمنزلة وافدٍ وفد إلى باب الملك معتذرًا (٤) من خطئه (٥) وزللِه، مستمطرًا لسحائب جوده ورحمته، مستطعمًا له ما يقوت قلبه، ليقوى على القيام في خدمته، فلمّا وصل إلى الباب ولم يبق إلا مناجاة الملك، التفت عن الملك وزاغ (٦) عنه يمينًا وشمالًا (٧) أو ولَّاه ظهره، واشتغل


(١) الأصل: "وبهجة". ع: "وتهمة". والمثبت من ك.
(٢) ك: "لم يمنع".
(٣) ع: "العبادات".
(٤) ك: "مستعذرا".
(٥) ع: "خطاياه".
(٦) ك: "وأعرض".
(٧) "وشمالًا" ليست في الأصل.