للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه بأمقت شيء إلى الملك وأقلِّه عنده قدرًا، فآثره عليه، وصيَّره قبلةَ قلبه، ومحلَّ توجهه، وموضع سِرّه، وبعث غلمانه وخَدَمَه ليقفوا في طاعة الملك، ويعتذروا عنه وينوبوا عنه في الخدمة، والملك يشاهد (١) ذلك ويرى حاله، ومع هذا فكرم الملك وجوده وسعة بره وإحسانه يأبى أن ينصرف عنه تلك الخدم (٢) والأتباع إلّا بنصيبها (٣) من رحمته وإحسانه، لكن فرق بين قسمة الغنائم على أهل السُّهمان (٤) من الغانمين وبين الرَّضْخ لمن لا سهمَ له، {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الأحقاف: ١٩].

والله سبحانه خلق هذا النوع الإنساني لنفسه، واختصَّه، وخلق له كل شيء، كما في الأثر الإلهي: "ابنَ آدم خلقتُك لنفسي، وخلقت كل شيء لك، فبحقِّي عليك (٥) لا تشتغلْ بما خلقته لك عما خلقتك له" (٦).

وفي أثر آخر: "خلقتُك لنفسي فلا تلعبْ، وتكفلتُ برزقك فلا تتعب، ابنَ آدم اطلبني تجِدْني، فإن وجدتني وجدتَ كل شيء، وإن فُتُّك


(١) في الأصل، ك: "شاهد".
(٢) ك: "الخدمة".
(٣) في الأصل: "فيصيبها". والمثبت من ع، ك.
(٤) ع: "السهمين" خطأ.
(٥) "عليك" ليست في ع.
(٦) ذكره شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (١/ ٢٣). وانظر "طريق الهجرتين" (ص ٥٢٦).