للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاتَك كل شيء، وأنا خير لك من كل شيء" (١).

وجعل الصلاة سببًا موصلًا له إلى قربه ومناجاته ومحبته والأنس به، وما بين الصلاتين (٢) تحدثُ له الغفلة والجفوة والإعراض والزلات والخطايا، فيُبعِده ذلك عن ربه، وينحّيه عن قربه، ويصير كأنه أجنبي عن العبودية [٤٩ ب] ليس من جملة العبيد، وربما ألقى بيده إلى أسر العدو، فأسَره وغلَّه وقيّده وحبسَه (٣) في سجن نفسه وهواه، فحظّه ضيق الصدر ومعالجة الهموم والغموم والأحزان والحسرات، ولا يدري السبب في ذلك.

فاقتضت رحمة ربه الرحيم أن جعل له من عبوديته عبودية جامعة مختلفة الأجزاء والحالات، بحسب (٤) اختلاف الأحداث التي جاءت من العبد، وبحسب شدة حاجته إلى نصيبه من كل جزء (٥) من أجزاء تلك العبودية.

فبالوضوء يتطهر من الأوساخ ويَقدم على ربه متطهرًا، والوضوء له


(١) أثر إسرائيلي كما ذكره شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (٨/ ٥٢). وذكره المؤلف في "طريق الهجرتين" (ص ٩٥، ٥٢٦).
(٢) الأصل: "صلاتين".
(٣) في الأصل: "وجنه".
(٤) في الأصل: "بسبب".
(٥) الأصل، ع: "خير". والمثبت من ك.