للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له بالدخول عليه بالقيام بين يديه (١)، فخلص (٢) من الإباق بمجيئه إلى داره ومحل عبوديته.

ولهذا كان المجيء إلى المسجد من تمام عبودية الصلاة [٥٠ أ] الواجبة عند قوم، والمستحبة عند آخرين، والعبد كان في حال غفلته كالآبق عن (٣) ربه، وقد عطَّل جوارحه وقلبه عن الخدمة التي خلق لها، فإذا جاء إليه فقد رجع من إباقه، فإذا وقف بين يديه موقف العبودية والتذلل والانكسار، فقد استدعى عطف سيده عليه وإقباله عليه بعد الإعراض.

وأمر بأن يستقبل (٤) بيته الحرام بوجهه، ويستقبل الله عزوجل بقلبه، لينسلخ مما كان فيه من التولي والإعراض، ثم قام بين يديه مقام الذليل (٥) الخاضع المسكين المستعطف لسيده، وألقى بيديه مسلمًا مستسلمًا ناكسَ الرأس خاشعَ القلب مُطرِقَ الطرف، لا يلتفت قلبه عنه ولا طرفُه يمنةً ولا يسرةً، بل قد توجه بقلبه كله إليه، وأقبل بكليته عليه.

ثم كبَّره بالتعظيم والإجلال، وواطأ قلبُه في التكبير لسانَه، فكان الله


(١) "فلما طهر ... يديه" ساقطة من ك. وبعدها في الأصل: "فلما تطهر ظاهرًا وباطنًا". وهو تكرار.
(٢) الأصل: "إذ تخلص".
(٣) ع، ك: "من".
(٤) بعدها في الأصل: "القبلة"، وليست في ك، ع.
(٥) ك: "المتذلل".