للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالحقيقة، ولهذا فُسِّرت التحيات بالملك، وفسرت بالبقاء والدوام، وحقيقتها ما ذكرته، وهي تحيات الملك، فالملك الحق المبين أولى بها.

فكل تحية يُحيَّى بها ملِكٌ من سجود أو ثناء أو بقاء ودوام فهي لله عزوجل، ولهذا أتى بها مجموعةً معرَّفةً باللام إرادةَ (١) العموم، وهي جمع تحية، وهي تفعلة من الحياة، وأصلها تَحيِيَة بوزن [٥٧ أ] تكرِمة، ثمّ أُدغِم أحد المثلين في الآخر فصارت تحيَّة، وإذا كان أصلها من الحياة فالمطلوب (٢) بها لمن يُحيَّا بها دوام الحياة.

وكانوا يقولون لملوكهم: لك الحياة الباقية، ولك الحياة الدائمة، وبعضهم يقول: عشرة آلاف سنة، واشتقَّ منها: أدام الله أيامك، وأطال الله بقاءك، ونحو ذلك مما يراد به دوام الحياة والملك، وذلك لا ينبغي إلا للحي الذي لا يموت، وللملك الذي كل مُلكٍ زائل غير ملكه.

ثمّ عطف عليها "الصلوات" بلفظ الجمع والتعريف، ليشمَل (٣) كلَّ ما أطلق عليه لفظ الصلاة خصوصًا وعمومًا، فكلها لله، لا تنبغي إلا له، فالتحيات له ملكًا، والصلوات له عبوديةً واستحقاقًا، فالتحيات لا تكون إلا له (٤)، والصلوات لا تنبغي إلا له.


(١) كذا في الأصل، ع. وفي ك: "أراد". ولعل الصواب: "أداة".
(٢) في النسخ: "والمطلوب".
(٣) ع: "يشتمل".
(٤) "والصلوات ... إلا له" ساقطة من ك.