للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والله تعالى يقول: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} [فصلت: ٣١] قال: يُنسِيهم الله ذكرَها.

أو أن (١) ذلك وعيدٌ (٢) له بأنه لا يدخل الجنة، فإن هذه الأمور يستعملها أهل الجنة، فمن لم تحصل له في الآخرة [٧١ أ] لم يكن من أهل الجنة. وهما (٣) تأويلان للسلف في هذه الأحاديث.

فلو قيل: إن هذا السماع اللذيذ الموعود به في الجنة إنما هو لمن نزَّه (٤) سمْعَه في الدنيا عن سماع الغناء والملاهي، اعتبارًا بنظيره من اللباس وشرب الخمر واستعمال آنية الذهب والفضة، لكان هذا أشبهَ بالصواب، وأصحَّ من استدلالكم على إباحته في الدنيا باستعمال أهل الجنة له.

وقد جاء الأثر بما قلنا صريحًا، وهو ما روى أبو بكر بن أبي الدنيا (٥): حدثنا داود بن عمرو الضبي حدثنا عبد الله بن المبارك عن مالك بن أنس عن محمد بن المنكدر قال: "إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين الذين كانوا يُنزِّهون أنفسهم عن اللهو ومزامير الشيطان؟


(١) السياق: "فإما أن يستعملها أهل الجنة ... أو أن ذلك وعيد". وفي ع: "وإما".
(٢) ع: "وعيدًا".
(٣) ع: "وهنا".
(٤) ع: "ينزه".
(٥) في "ذم الملاهي" (٧٢)، وسبق تخريجه.