للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه، ويُحتَمل ما يبغضه الرحمن لدفع ما هو أبغض إليه منه، ويُفوَّت ما يحبه لتحصيل ما هو أحبُّ إليه منه (١).

وهذه أصولٌ مَنْ رُزِقَ فهمَها والعملَ بها فهو من العالمين بالله وبأمره.

ولا ريب أن الشيطان موكَّلٌ ببني آدم، يجري منهم مجرى الدم، وقد أُعِين بما رُكِّب في نفوسهم وجُبِلَتْ عليه طباعُهم وامتُحِنوا به من أسباب الشهوة والغضب، فلا يمكن حفظُ [٨٩ ب] مَن هذا شأنه مع عدوه (٢)، من كل ما للشيطان فيه نصيبٌ، وهو له حظ في كل أعمال العبد، حتى في صلاته، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجعل أحدكم للشيطان حظًّا من صلاته، يرى أن حقًّا عليه ألا ينصرف إلا عن يمينه" (٣). فإذا كان هذا القدر من حظ الشيطان في صلاة العبد، فما الظن بما هو أعظم من ذلك وأكبر. وسُئِل - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة فقال: "هو اختلاس يَختلِسُه الشيطان من صلاة العبد" (٤).

وإذا لم يمكن حِفظُ العبد (٥) نفسَه من جميع حظوظ الشيطان منه، كان من معرفته وفقهه وتمام توفيقه أن يدفع حظَّه الكبير بإعطائه حظَّه


(١) "ويحتمل ... إليه منه" ساقطة من ع.
(٢) "مع عدوه" ليست في ع.
(٣) أخرجه البخاري (٨٥٢) ومسلم (٧٠٧) موقوفًا على ابن مسعود.
(٤) أخرجه البخاري (٧٥١) عن عائشة.
(٥) "العبد" ليست في ع.