للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حول القمر، وأداروا عليهم من الأعين النِّطاق. فللشيطان لا للهِ كم من (١) زَعْقةٍ وصَرْخةٍ وزَفْرةٍ وأنَّةٍ وحَسْرة ووَجْدٍ وأسفٍ وحزنٍ، وكم من قلوبٍ تُشقَّق قبل الجيوب، وعبراتٍ تُسكَب في غير رضا علام الغيوب، فيا لها حضرةً ما أحبَّها إلى الشيطان! وما أبغضَها إلى الرحمن!

ويتزايد الأمر حتى يُغنُّوا بأشعارٍ طالما عُصِيَ الله بها في الأرض، من أشعار الفسّاق و الفجّار، المتضمنة لتهييجِ النفوس على ما يُبغِضه الله (٢) ويَمقُت عليه، ومدْح ما حرَّمه ولعنَ فاعله، والابتهاجِ به، والافتخارِ [٩٨ أ] بنيله، والتَبجُّح (٣) بالوصول إليه. وربما تعدَّوا ذلك إلى الغناء بالأشعار الكفرية التي تُحادُّ ما أنزل الله، كأشعار أهل الإلحاد من الاتحادية والحلولية، والأشعار المتضمنة لكثير من ألفاظ القرآن، كقوله:

قمتُ ليلَ الصُّدودِ إلا قليلا ... ثمّ رتَّلتُ ذِكرَكم ترتيلَا

إلى أن يقول (٤):

قل لِرَاقِي الجفونِ إنَّ لجَفْنِي ... في بحارِ الدُّموع سَبْحًا طَوِيلا (٥)


(١) "من" ساقطة من ع.
(٢) لفظ الجلالة ليس في ع.
(٣) ع: "والتبهج" تحريف.
(٤) "إلى أن يقول" ليست في ع.
(٥) الأبيات لابن النبيه في "ديوانه" (ص ٦٨)، و"معاهد التنصيص" (٤/ ١٤٥)، و"خزانة الأدب" لابن حجة (٢/ ٤٥٥).