للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بما لديهم فرحون.

ثمّ المصيبة العظمى والداهية الكبرى أنَّه ــ مع اشتماله على المحرمات كلها أو أكثرها أو بعضها ــ يَرون أنَّه من أعظم [٩٩ ب] القُرُبات وأجلِّها قدرًا، وأنَّ أهله هم صفوة أولياء الله وخِيَرته من خلقه، ولا يَرضَون بمساواة السابقين الأولين من سلف الأمة وأئمتها حتى يتفضَّلوا عليهم، وفي غُلاتِهم وزنادقتهم من يُساوون أنفسَهم بالأنبياء والمرسلين، وفيهم من يُفضِّل نفسَه عليهم، إلى غير ذلك من أنواع الكفر.

وجماع الأمر أنه صار فيه وفيما يَتْبَعه في وسائله ومقاصده وصفته ونتيجته، شَبَهٌ مما في السماع الشرعي وما يَتْبَعه في ذلك، فاشتبه الأمر والتبس الحق بالباطل، ونفوسُ أهله غالبًا لا تمييزَ لها ولذا أكثر أهله أهل الجهل وضعفاء العقول، ممن قلَّ نصيبه من العلم والإيمان، وأجدبَ قلبُه من حقائق القرآن، كالنساء والصبيان وأهل البوادي وجَهَلة الأعراب، ولهذا كان أهله إذا عَقَدُوه يَنزِل عليهم المقْتُ، وحَفَّتْ بهم الشياطين، وغَشِيَتْهم السخطةُ، وذكرهم إبليسُ فيمن عنده. وأهل السماع الإيماني القرآني، إذا حضروه تنزلتْ عليهم السكينةُ، وغشيتْهم الرحمةُ، وحفَّتْ بهم الملائكةُ، وذكرهم الله فيمن عنده (١)، فتَقْذِفُ الملائكة في قلوب أهل هذا السماع ما يزدادون به علمًا وإيمانًا، وتقذف


(١) كما في الحديث الذي أخرجه مسلم (٢٧٠٠) عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري.