للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تجد [١٠١ أ] كثيرًا ممن يُعاني الأعمالَ الشاقَّة، إذا تعلق قلبه بصورة جميلة، أو سمع صوتًا حسنًا ازداد حرصُه وقوته وهمته على ما يُعانيه من الأعمال، وحَمل منه ما لا يَحمِله الخليُّ، واستلذَّ سَهَرَ الليالي وركوبَ الأهوال، فإن الحب يُطيِّر، والرجاء يُسيِّر، فتُصادف تلك الصورة والصوت من قلبه حبًّا كامنًا لما هو بصدده، فيُزْعِجه ويُثِيره حتى تَطُوعَ له نفسُه ببذل ما لا تَطُوع من غيره، فيُصادف سماعُ الأصوات المطربة ورؤيةُ الصور الجميلة من قلب المريد نوعَ محبةٍ لله والدار الآخرة، فيُثيرها ويُزعِجها، لكن يَقْلِبها نفسانيةً، ويَدخُل نصيبُ الشيطان وحظُّ النفسِ فيزاحمها، وتَشتبِكُ إحدى المحبتين بالأخرى وتلتبس بها. وأكثر المريدين حظُّهم ناقص من العلم والتمييز، ويجد أحدهم للمحبة وجدًا وذوقًا، وليس له تمييز (١) بين صحيحها وسقيمها (٢)، ولا يجد (٣) عند من يلومه ويَعذِله شيئًا من المحبة والذوق والأنس الذي وجده، فيشتد نِفارُه منه، ولا يُصغِي إليه، ولا يُعرِّجُ عليه.

فصل

وأنت إذا تأملتَ العباداتِ من الصلاة والحج والاعتكاف والصيام والوضوء، رأيتَ شأنَ الصور المباحة منافيًا لها غايةَ المنافاة. فالحج مُنِعَ


(١) ع: "يميز" بدل "له تميز".
(٢) ع: "صحيحهما وسقيمهما".
(٣) في النسختين: "ولا يجد له".