للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنته بعد مماته. فأمر سبحانه عباده المؤمنين أن يردُّوا ما تنازعوا فيه إليه وإلى رسوله، وخاطبهم أولًا بلفظ الإيمان، ثم جعل آخرًا الإيمان شرطًا في هذا الرد، فالإيمان يوجب عليهم هذا الرد، وينتفي عند انتفائه، فمَن لم يردَّ ما تنازع فيه هو وغيره إلى الله ورسوله لم يكن مؤمنًا.

وتأمل قوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} كيف أعاد الفعل وهو طاعة الرسول، ليدل أنه (١) يُطاع استقلالًا، وإن أمر بما ليس في القرآن الأمرُ به، ونهى عما ليس في القرآن النهيُ عنه، فإنه أوتي الكتابَ ومثلَه معه، ولم يُعِد الفعلَ في طاعة أولي الأمر، بل جعلها ضمنًا وتبعًا لطاعة الرسول، فإنهم إنما يُطاعون تبعًا لطاعة الرسول إذا أمروا بما أمر به، ونهوا عما نهى عنه، لا تجب طاعتهم استقلالًا (٢) في كل ما يأمرون [١٧ ب] به وينهون عنه.

ثمّ قال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، ولم يقل "وإلى الرسول" إعلامًا بأن ما رُدَّ إلى الله فقد رُدَّ إلى رسوله، وما رُدّ إلى رسوله فقد رُدّ إليه سبحانه، وأن ما حكم به فقد حكم به رسوله، وما حكم به رسوله فهو حكمه (٣) سبحانه.

وقال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ}، وهذا يعمُّ دقيقَ ما تنازع فيه المسلمون


(١) ع، ك: "على أنه".
(٢) ليست في الأصل وك، وهي في ع.
(٣) ك: "فقد حكم به".