للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أراد بالصوت الأول: ما يُحدِثه الحزن والمصيبة من النياحة والدعاء بالويل وتوابع ذلك. وبالصوت الثاني: ما يُحدِثه الطرب واللذة من الغناء وتوابعه، فإن في النفس (١) قوة الطرب وقوة الحزن والأسف، فإذا وردَ عليها وارد أثار منها ذلك، وأثَّر فيها هذا الصوت وتوابعه، وهذا الصوت وتوابعه بحسب قوة الوارد وضعف النفس، فاستفزَّها الشيطان حينئذٍ، ونال منها مراده بمعصية (٢) الله والخروج عن أمره في هذه الحال وهذه الحال (٣).

ولهذا شرع الله سبحانه لعباده عند هذين الواردين [٢٣ أ] ما (٤) يحفظ به العبد قلبه وإيمانه ودينه أن يستلبه (٥) الشيطان ويستفزَّه، فشرع لهم عند المصيبة الصبر والاسترجاع، وعند النعمة سجود الشكر، والتواضع لله، وحمده وشكره، فبذلك تدوم النعمة، كما أن بالصبر والاسترجاع تندفع المصيبة عن القلب أو تَخِفُّ، فعارضَ الشيطانُ وحزبه أمرَ الله، وشرعوا عند المصيبة والنعمة الصوتين الأحمقين الفاجرين: صوت الندب والنياحة والدعاء بالويل والعويل وتوابع ذلك، وصوت الغناء والمزامير وآلات اللهو وتوابع ذلك.

وبذلك يتبين لمَن له قلب حي، وبصيرة منورة بنور الإيمان، أن


(١) في الأصل: "في نفس".
(٢) ع: "لمعصيته".
(٣) "وهذه الحال" ليست في ع.
(٤) في الأصل، ك: "بما".
(٥) ع: "يسلبه".