للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال النووي: قولها (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه) فيه استحباب الأخذ بالأيسر والأرفق ما لم يكن حراماً أو مكروهاً. قال القاضي: ويحتمل أن يكون تخييره صلى الله عليه وسلم هنا من الله تعالى فيخيره فيما فيه عقوبتان، أو فيما بينه وبين الكفار من القتال وأخذ الجزية، أو في حق أمته في المجاهدة في العبادة أو الاقتصار، وكان يختار الأيسر في كل هذا، قال وأما قولها ما لم يكن إثماً فيتصور إذا خيره الكفار والمنافقون فأما إن كان التخيير من الله تعالى أو من المسلمين فيكو الاستثناء منقطعاً. قولها (وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله) وفي رواية ما قيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله تعالى. معنى نيل منه أصيب بأذى من قول أو فعل. وانتهاك حرمة الله تعالى هو ارتكاب ما حرمه. قولها (إلا أن تنتهك حرمة الله) استثناء معناه لكن إذا انتهكت حرمة الله انتصر له تعالى وانتقم ممن ارتكب ذلك. في هذا الحديث الحث على العفو والحلم واحتمال الأذى والانتصار لدين الله ممن فعل محرماً أو نحوه. وفيه أنه يستحب للأئمة والقضاة وسائر ولاة الأمور التخلق بهذا الخلق الكريم فلا ينتقم لنفسه ولا يهمل حق الله تعالى وقد أجمع العلماء على أن القاضي لا يقضي لنفسه ولا لمن لا يجوز شهادته له.

٨٥٢ - * روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده، ولا امرأة، ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قطُّ فينتقم من صاحبه، إلا أن يُنتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل.

٨٥٣ - * روى الطبراني عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إني لأمزح ولا أقول إلا حقاً" قالوا: إنك تداعبُنا يا رسول الله، قال: "إني لا أقولُ إلا حقاً".

٨٥٤ - * روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم


٨٥٢ - مسلم (٤/ ١٨١٤) ٤٣ - كتاب الفضائل- ٢٠ - باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام، واختياره من المباح أسهله، وانتقامه لله عند انتهاك حرماته.
٨٥٣ - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٩/ ١٧)، وقال: رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن.
٨٥٤ - البخاري (١٠/ ٥٨٢) ٧٨ - كتاب الأدب-١١٢ - باب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>