للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورضيفُهما- حتى ينعِق بها عامر بن فُهيرة بغلسٍ، يفعل ذلك في كل ليلةٍ من تلك الليالي الثلاث، واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلاً من بني الدِّيل- وهو من بني عبد بن عديِّ - هادياً خريتاً- والخريتُ: الماهر بالهداية- قد غمس حلفاً في آل العاص بن وائل السهمي، وهو على دين كُفار قريش، فأمناه، فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما، فأتاهما صُبح ثلاث، فارتحلا وانطلق معهما ابن فهيرة، والدليل، فأخذ بهم طريق السواحل.

وفي رواية: طريق الساحل.

قال ابن شهاب تلعيقاً: وأخبرني عبد الرحمن بن مالك المُدلجيُّ- وهو ابن أخي سُراقة ابن جُعشم - أن أباه أخبره: أنه سمع سُراقة بن جُعشم يقول: جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ديةَ كل واحد منهما من قتله أو أسره، فبينما أنا جالسٌ في مجلس من مجالس قومي بني مُدلج، إذ أقبل رجل منهم، حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال: يا سراقة، إني قد رأيتُ آنفاً أسوده بالساحل، أُراها محمداً وأصحابه، قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلاناً وفلاناً انطلقوا بأعيننا، ثم لبثتُ في المجلس ساعة، ثم قمتُ فدخلت، فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمةٍ، فتحبسها عليِّ، وأخذتُ رُمحي فخرجت به من ظهر البيت، فخططت بزُجِّهِ الأرض، وخفضت عاليه، حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تُقرب بي، حتى دونتُ منهم، فعثرتْ بي فرسي، فخررتُ عنها (١)، فقمت فأهويتُ بيدي إلى كنانتي فاستخرجتُ


الرضيف: اللبن المرضوف، وهو الذي جعل فيه الرضفة، وهي الحجارة المحماة.
نعق الراعي بالغنم: دعاها لترجع إليه.
بغلس: الغلس: ظلام آخر الليل.
غمس: فلان حلفاً في آل فلان، أي: أخذ بنصيب من عقدهم وحلفهم، والحِلْف: التحالف.
أسودة: جمع سواد، وهو الشخص.
الأكمة: الرابية المرتفعة عن الأرض من جميع جوانبها.
قرَّبَ: الفرسُ يقرب تقريباً: إذا عدا عدْواً دون الإسراع، وله تقريبان أدنى وأعلى.
الكنانة: كالخريطة المستطيلة من جلود تجعل فيها السهام، وهي الجعبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>