للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الهواء - يعني جبريل - فأخذتني رجفةً شديدةً، فأتيت خديجة فقلت: دثرُوني، فدثِّروني، وصبوا عليَّ ماءً بارداً، فأنزل الله عز وجل {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} ".

وفي رواية (١) "فإذا هو جالسٌ على العرش بين السماء والأرضِ".

وفي رواية (٢) عن أبي سلمة عن جابرٍ قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يُحدثُ عن فترة الوحي، فقال لي في حديثه "فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء، فرفعتُ رأسي، فإذا الملكُ الذي جاءني بحراءٍ جالسٌ على كُرسيٌّ بين السماء والأرض فجُثِثْتُ منه رعباً، فرجعت، فقلتُ: زملوني زملوني، فدثروني، فأنزل الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} " قبل أن تُفرض الصلاة، والرُّجزُ هي الأوثان.

وفي أخرى "فجُثِثْتُ منهُ حتى هويت إلى الأرضِ" وفيه: قال أبو سلمة (والرُّجزُ: الأوثان) قال: "ثم حمِيَ الوحيُ، وتتابع".

وأول هذه الرواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثُمَّ فترَ الوحيُ عنِّي فترةً، فبينا أنا أمشي ... " ثم ذكر نحوه.

أقول: أولية نزول {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} أولية نسبية فهي أول ما نزل بعد فترة الوحي. فالصحيح أن أول ما نزل من القرآن هو قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} وأما {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} فكانت بعد ذلك. ويصدق في ذلك ما وقع في بعض روايات هذا الحديث "فإذا الملك الذي جاءني بحراء" وقوله "ثم تتابع الوحي" أي بعد فترته.


(١) البخاري (٨/ ٦٧٨) ٦٥ - كتاب التفسير - ٧٤ - سورة المدثر - باب: (وثيابك فطهر).
(٢) مسلم (١/ ١٤٥) ١ - كتاب الإيمان - ٧٣ - باب: بدء الوحي.
فإذا هو على العرش: المراد بالعرش الكرسي. قال أهل اللغة: العرش هو السرير، وقيل سرير الملك. قال تعالى: (ولها عرش عظيم). فجُثثتُ منه: يقال: "جُثِثْتُ" بهمزة قبل ثاء، وبثاءين، وبياءٍ وتاءٍ: كلمة بمعنى فَزِعْتُ، والذي في الرواية: الأول: هويت: هوى إلى الأرض وأهوى إليها. أي: سقط. ثم حمى الوحي وتتابع: أي كثر نزوله وازداد من قولهم حميت الشمس والنار أي قويت حرارتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>