للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سيد بني سلمة. فخرجوا، ودخل على مناف فقال: يا مناف! تعلم والله ما يريد القوم غيرك، فهل عندك من نكير؟ قال: فقلده السيف وخرج، فقام أهله فأخذوا السيف، فلما رجع قال: أين السيف يا مناف؟ ويحك! إن العنز لتمنع استها. والله ما أرى في أبي جعار غداً من خير. ثم قال لهم: إني ذاهب إلى مالي فاستوصوا بمناف خيراً. فذهب، فأخذوه فكسروه وربطوه مع كلب ميت وألقوه في بئر، فلما جاء قال: كيف أنتم؟ قالوا بخير يا سيدنا. طهر الله بيوتنا من الرجس، قال: والله إني أراكم قد أسأتم خلافتي في مناف. قالوا: هو ذاك، انظر إليه في ذلك البئر. فأشرف فرآه، فبعث إلى قومه فجاؤوا فقال: ألستم على ما أنا عليه؟ قالوا: بلى. أنت سيدنا. قال: فأشهدكم أني قد آمنتُ بما أنزل على محمد.

قال: فلما كان يوم أحُد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قوموا إلى جنة عرضها السماواتُ والأرض أعدت للمتقين" فقام وهو أعرج فقال: والله لأقْحَزَنَّ (١) عليها في الجنة. فقاتل حتى قتل.

وعن عاصم بن عمر أنّ إسلام عمرو بن الجموح تأخر. وكان له ضمٌ يُقال له مناف، وكان فتيان بني سَلَمة قد آمنوا، فكانوا يمهلون، حتى إذا ذهب الليل دخلوا بيت صنمه فيطرحونه في أنتن حُفرة منكساً. فإذا أصبح عمرو غمه ذلك، فيأخذه فيغسله ويطيبه. ثم يعودون لمثل فعلهم. فأبصر عمرو شأنه وأسلم، وقال أبياتاً منها:

والله لو كنت إلهاً لم تكن ... أنت وكلبٌ وسط بئر في قرن (٢)

أُفٍ لمشواك إلهاً مستدن (٣) ... فالآن فتشناك عن شر الغبن

روى محمد بن مسلم، عن عمرو ين دينار وفطر بن خليفة، عن حبيب بن أبي ثابت، وابن عيينة، عن ابن المنكدر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا بني سلمة! مَنْ سيدكم؟ قالوا:


(١) لأقحزنّ: أي لأثبن.
(٢) والقرن: الحبل.
(٣) ومستدن: ذليل مستعبد. وقال السهيلي: مستدن من السدانة، وهي خدمة البيت وتعظيمه، وكان لكل صنم سدنة يقومون بخدمة البيت الذي فيه الصنم.

<<  <  ج: ص:  >  >>