للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَاسْتَحْيَيْتُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ! لَحَمْلُكِ النَّوَى عَلَى رَأْسِكِ أَشَدُّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ. قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ، بَعْدَ ذَلِكَ، بِخَادِمٍ فَكَفَتْنِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ. فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي.

وفي رواية لمسلم (١) عن أسْمَاءَ قاَلَتْ: كُنْتُ أَخْدُمُ الزُّبَيْرَ خِدْمَةَ الْبَيْتِ. وَكَانَ لَهُ فرَسٌ. وكُنْتُ أَسُوسُهُ. فَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْخِدِمَةِ شَيءٌ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ سِياسَةِ الفَرَسِ. كُنْتُ أَحْتَشُّ لَهُ عَليْه وَأَسوُسُه. قاَلَ ثُمَّ إنَّها أصاَبَت خَادما. جاءَ النَّبي (ص) سَبْي فَأَعطَاهَا خَادِماً. قَالت: كَفَتْني سِيَاسَةَ الفرَسِ. فَألْقَت عَني مؤنتهُ.

فَجَاءَبي رجل فَقَالَ: ياأُمَّ عبدِ الله: إني رَجُلٌ فَقِير. أَردتُ أَّن أبيِع فِي ظِل دَارِكِ. قَالتْ: إني إنْ رَخَّصْتُ لكَ أبى ذَاكَ الزُّبَيْرُ. فَتَعَالَ فَاطْلبْ إلىَّ، والزَبيْر شاهِدٌ. فجَاءَ فَقاَلَ: يااُّم عبدِ اللهِ! إني رجلٌ فَقِير أردتُ أَن أبيع فىِ ظِل دارِكِ. فَقاَلت: مالَك بِالمدينَةِ إلا دَارِي؟ فَقاَلَ لَهَا الزبَيْرُ: ماَلَكِ أنْ تَمْنعي رجُلاّ فَقِيرا يبيعُ؟ فكان يبيع إلى أنْ كَسَبَ. فَبِعْتُه الجَارِيَةَ. فَدَخَلَ عَلَيَّ الزُّبيرُ وَثَمنهُا في حِجري. فَقَالَ: هَبيهِا لِي قَالتْ: إني قدْ تَصَدقْتُ بِها.

قال الذهبي: عن أسماء، قالت: لما توجه النبيُّ من مكة حمل أبو بكر معه جميع ماله - خمسة آلاف، أو ستة آلاف - جدّي أبو قُحافة وقد عّمي، فقال: إن هذا قد فجعكم بمالِهِ ونفسه. فقلتُ: كلا، قد ترك لنا خيراً كثيراً.

فعمدتُ إلى أحجارٍ، فجعَلْتُهنَّ فى كَوَّة البيت، وغطيت عليها بثوب، ثم أخذت بيده، ووضعتها على الثوب، فقلتُ: هذا تركه لنا. فقال: أمَا إذْ ترك لكَم هذا، فنعم (٢).

قال ابنُ أبي مليكة: كانت أساء تصدع، فتضعُ يدها على رأسها، وتقول: بذنبي، وما يغفرهُ الله أكثر.

وفي "الصحيح": قالت أسماءُ: يا رسولَ الله، إنَّ اُّمي قَدِمتْ، وهي راغب [أي فى


(١) مسلم (٤/ ١٧١٧) في نفس الموضع السابق.
(٢) رواه ابن هشام (١/ ٤٤٨) عن ابن إسحاق وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>