للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذي سارت فيه باستجابة أهل المدينة للإسلام وللنصرة بآن واحد، إذ قد تسير الدعوة في الحالة الأولى على مسار تجميع للمستجيبين يعيشون به في ظل الحماة ثم تكون انطلاقة بعد ذلك نحو أرض أخرى، أما وقد قبل الأنصار الإسلام والنصرة بآن واحد فقد طويت مرحلتان في مرحلة واحدة، ومع ذلك فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الأنصار ابتداء على أن البيعة كانت على الدفاع، ولذلك نلحظ أنه لم يشرك في التحركات العسكرية قبل بدر إلا المهاجرين، ويوم بدر طلب شورى الأنصار خشية أن يكونوا فهموا من النصرة الدفاع فقط، مع أن الأنصار دخلوا في الإسلام وقبلا أحكامه فهم والمهاجرون سواء في التكليف، ومع ذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراعي تلك الظروف.

ومن ههنا نعرف أن أكبر نصر سياسي للإسلام كان في قبول أهل المدينة النصرة وما ترتب على ذلك من هجرة.

ومن ههنا نقول: إنه عندما يكون المسلمون في حالة ضعف ولست لهم دار إسلام يستطيعون الهجرة إليها، فلهم أن يضعوا هدفاً سياسياً مرحلياً من مثل الوصول إلى حريتهم في الدعوة والعبادة، وإذا وجدوا في مجتمع يعطيهم ذلك فعليهم أن يعمقوا جذور الإسلام ويطوروا امتداده ويعملوا لانتصاره.

وقد حلل الأستاذ الندوي الأسباب التي جعلت المدينة المنورة مؤهلة لقبول الإسلام فقال:

وكان من صنع الله تعالى لرسوله وللإسلام، أن هيأ الله الأوس والخزرج - وهما قبيلتان عربيتان عظيمتان في مدينة يثرب - لتقدرا هذه النعمة التي لا نعمة أعظم منها، وتسبقا أهل عصرهما، وأبناء الجزيرة، إلى الترحيب بالإسلام والدخول فيه، حين تنكرت له قبائل العرب وفي مقدمتاه وعلى رأسها قريش {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.

وقد ساعدت على ذلك عدة عوامل، هي من خلق الله تعالى وتيسيره وصنعه، كانت فارقة بين قريش وأهل مكة، وقبائل يثرب العربية، منها ما طبعها الله عليه من الرقة واللين وعدم المغالاة في الكبرياء وجحود الحق، وذلك يرجع إلى الخصائص الدموية

<<  <  ج: ص:  >  >>