للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَشَاءُ} (١) فإن المعنى في ذلك على أصح القولين أن الفرقة الكافرة ترى الفرقة المؤمنة مثلي عدد الكافرة على الصحيح أيضاً، وذلك عند التحام الحرب والسابقة أوقع الله الوهن والرعب في قلوب الذين كفروا فاستدرجهم أولاً بأن أراهم إياهم عند المواجهة قليلاً، ثم أيد المؤمنين بنصره فجعلهم في أعين الكافرين على الضعف منهم حتى وهنوا وضعفوا وغلبوا. ولهذا قال: {وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ}.

أقول: كان هذا من فعل الله عز وجل لرسوله وللمؤمنين، ولو أخلص المسلمون وأحسنوا لوجدوا التوفيقات والتأييدات تحفهم من كل جانب.

وقد علل الله عز وجل لإراءته المسلمين المشركين قلة بقوله: {وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ} (٢).

إن هذا التعليل يوحي بأشياء كثيرة: منها: أولاً: أن المسلمين يحكمهم عالم الأسباب فعندما يرون أن القوى غير متكافئة لابد أن يختلفوا في أمر القتال هل يقاتلون أو لا يقاتلون؟ فالله عز وجل بحكمته جنبهم هذا الموقف يوم بدر، ولكن هذا الموقف يمكن أن يواجه المسلمين في كل لحظة فعلى قياداتهم أن تلاحظ ذلك أولاً في الموازنات التي تسبق القرار. ثانياً: في القرار نفسه، ثالثاً: في الخطة المناسبة على ضوء تفاضل القوى، رابعاً: في الإعداد النفسي والتدريبي، خامساً: في إدارة المعركة.

٢٩٠ - * روى الإمام أحمد عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: "من استطعتم أن تأسروه من بني عبد المطلب فإنهم خرجوا كرهاً".

معنى الحديث: من استطعتم عليه من بني عبد المطلب فأسروه ولا تقتلوه.

تعليق: لم تكن قريش كلها مقتنعة بههذ الحرب ولذلك خرج بعضهم ثم نكص وبعضهم


(١) آل عمران: ١٣.
(٢) الأنفال: ٤٣.
٢٩٠ - أحمد في مسنده (١/ ٨٩)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٨٥) وقال: رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>