للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

صخر بن حرب الذي تمركز في قلب الجيش. وجعلوا على الميمنة خالد بن الوليد وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل، وعلى المشاة صفوان بن أمية، وعلى رماة النبل عبد الله بن أبي ربيعة، أما اللواء فكان إلى مفرزة من بني عبد الدار.

وقبيل نشوب المعركة حاولت قريش إيقاع الفرقة والنزاع داخل صفوف المسلمين وتقارب الجمعان، وتدانت الفئتان، وبدأت مراحل القتال، وكان أول وقود المعركة حامل لواء المشركين طلحة بن أبي طلحة العبدري، وكان من أشجع فرسان قريش، يسميه المسلمون كبش الكتيبة، خرج وهو راكب على جمل، يدعو إلى المبارزة، فأحجم عنه الناس لفرط شجاعته، ولكن تقدم إليه الزبير، ولم يمهله بل وثب إليه وثبة الليث حتى صار معه على جمله، ثم اقتحم به الأرض، فألقاه عنه وذبحه بسيفه، ثم اندلعت نيران المعركة، واشتد القتال بين الفريقين في كل نقطة من نقاط الميدان، وكان ثقل المعركة يدور حول لواء المشركين. فقد تعاقب بنو عبد الدار لحمل اللواء، عشرة من بني عبد الدار - من حملة اللواء - أبيدوا عن آخرهم، ولم يبق منهم أحد يحمل اللواء، فتقدم غلام لهم حبشي - اسمه صواب - فحمل اللواء وأبدى من صنوف الشجاعة والثبات ما فاق به مواليه من حملة اللواء الذين قتلوا قبله فقد قاتل حتى قطعت يداه، فبرك على اللواء بصدره وعنقه؛ لئلا يسقط حتى قتل وهو يقول: اللهم أعزرت (١)؟ يعني هل أعزرت. وبعد أن قتل هذا الغلام - صواب - سقط اللواء على الأرض، ولم يبق أحد يحمله، فبقي ساقطاً.

قال ابن إسحاق: ثم أنزل الله نصره على المسلمين، وصدقهم وعده، فحسوهم بالسيوف حتى كشفوهم عن المعسكر، وكانت الهزيمة لا شك فيها.

وبينما كان الجيش الإسلامي الصغير، يسجل مرة أخرى نصراً ساحقاً على مكة لم يكن أقل روعة من النصر الذي اكتسبه يوم بدر، وقعت من أغلبية فصيلة الرماة غلطة فظيعة، قلبت الوضع تماماً، وأدت إلى إلحاق الخسائر الفادحة بالمسلمين وكادت تكون سبباً في مقتل


(١) أعزرت: أصلها: أعذرت، بلسان الحبشة لا يعضون على الأحرف اللثوية: الثاء والذال والظاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>