للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحد بلاء شديداً فلما اشتد به الجراح نحر نفسه فقال صلى الله عليه وسلم هو من أهل النار.

ومنها أن السنة في الشهيد أن لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يكفن في غير ثيابه بل يدفن فيها بدمه وكلومه إلا أن يسلبها فيكفن في غيرها.

ومنها أنه إذا كان جنباً عسل كما غسلت الملائكة حنظلة بن أبي عامر ومنها أن السنة في الشهداء أن يدفنوا في مصارعهم ولا ينقلوا إلى مكان آخر.

ومنها جواز دفن الرجلين أو الثلاثة في القبر الواحد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدفن الرجلين والثلاثة في القبر ويقول: أيهم أكثر أخذاً في القرآن؟ فإذا أشاروا إلى رجل قدمه في اللحد، ودفن عبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح في قبر واحد لما كان بينهما من المحبة فقال: "ادفنوا هذين المتحابين في الدنيا في قبر واحد" ثم حفر عنهما بعد زمن طويل ويد عبد الله بن عمرو بن حرام على جراحته كما وضعها حين جرح، فأميطت يده عن جراحته فانبعث الدم فردت إلى مكانها فسكن الدم، وقال جابر: رأيت أبي في حفرته حين حفر عليه كأنه نائم وما تغير من حاله قليل ولا كثير قيل له: أفرأيت أكفانه فقال إنما دفن في نمرة خمر بها وجهه وعلى رجليه الحرمل (١) فوجدنا النمرة كما هي وعلى رجليه الحرمل على هيأته وبين ذلك ستة وأربعون سنة.

وقد اختلف الفقهاء في أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يدفن شهداء أحد في ثيابهم هل هو على وجه الاستحباب والأولوية أو على وجه الوجوب على قولين الثاني أظهرهما، وهو المعروف عن أبي حنيفة رحمه الله والأول هو المعروف عن أصحاب الشافعي وأحمد رحمهما الله، فإن قيل فقد روى يعقوب بن شيبة وغيره بإسناد جيد أن صفية أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوبين ليكفن فيهما حمزة فكفنه في أحدهما وكفن في الآخر رجلاً آخر، قيل حمزة كان الكفار قد سلبوه ومثلوا به وبقروا عن بطنه واستخرجوا كبده فلذلك كفن في كفن آخر، وهذا القول في الضعف نظير قول من قال يغسل الشهيد وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع.


(١) (الحرمل): نبت له حب أسود كالخردل.

<<  <  ج: ص:  >  >>