للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأفراد. والحاكم والمحكوم، وكل ذلك ينبغي أن يخضع إلى موازنات عند أهل التقوى لتقرير ما هو المصلحة في النهاية.

(٢)

والقضية الثانية هي إلزامية الشورى، فههنا نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل على رأي السعدين وهما ممثلا الأنصار، وبعض الروايات تذكر أن هذا النزول كان بعد أن كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم العقد ولكنه لم يمضه، وكذلك نزل عليه الصلاة والسلام على رأي الأكثرية يوم أحد، هذا النزول على رأي ممثلين لجهة أو على رأي الأكثرية يجعلنا نقول بإلزامية الشورى للأمير ولكنها إلزامية تخضع لقواعد فصلناها في أكثر من مكان في كتبنا، فالشورى ينبغي أن تعطى لأهلها وإذا أعطيت لأهلها فرأي أكثريتهم ملزم في نفي الضرر أو في استجلاب المصلحة، ومع ذلك يعطي الأمير فرصة تعميم الشورى على دائرة أدنى أو أعلى، ولكن يبقى رأي الأكثرية هو الملزم، وكل ذلك على ضوء القواعد الدستورية أو النظامية المتفق عليها بين المسلمين، وإنما نشترط هذا لأن بعض العلماء لا يرى إلزامية الشورى للأمير، فإذا ما وجد شرط الإلزامية لم يعد لأحد متكأ في رفض شورى الأكثرية من أهلها (فالمسلمون عند شروطهم) (١)، وعندئذ فللمرشح للإمرة الحق في أن يقبل الإلزامية فيكون أميراً أو يرفض فلا يكون، وللذين يرفضون إلزامية الشورى نقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل على رأي الأكثرية يوم أحد وهو يعلم أن رأيهم خطأ، وها هو هنا نزل على رأي ممثلي الأنصار وهم أصحاب العلاقة مع أنه كان مقتنعاً بوجهة النظر الأخرى، أليس هذا يدل في حده الأدنى على سنية النزول على رأي الأكثرية صاحبة العلاقة، فإذا كانت المسألة في حدها الأدنى سنة، ألا يحق للمسلمين أن يعتمدوها؟ ألم يشترط الخضر على موسى وهو - أي الخضر - دونه؟ والتزم موسى، ألا يكفي هذا للقول: بأن المسلمين إذا اشترطوا على أميرهم أن ينزل على شوراهم فلهم ذلك! أليس مصلحة المسلمين في عصرنا تستدعي ذلك؟ وهل يسع عصرنا


(١) ذكره البخاري معلقاً (٤/ ٤٥١) ٣٧ - كتاب الإجارة - ١٤ - باب أجر السمسرة.
- وأبو داود مطولاً (٣/ ٣٠٤)، كتاب الأقضية، باب في الصلح. عن أبي هريرة بلفظ (على شروطهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>