للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً) (١) أهـ.

٤ - وقال الدكتور البوطي:

لقد كان من جملة الوسائل الحربية التي استعملها المسلمون في هذه الغزوة حفر الخندق، ولقد كانت غزوة الأحزاب أول غزوة في التاريخ العربي والإسلامي يحفر فيها الخنادق، إذ هو مما كان متعارفاً بين الأعاجم فقط، وقد رأيت أن الذي اقترح ذلك في غزوة الأحزاب إنما هو سلمان الفارسي، وقد رأيت أن النبي صلى الله عليه وسلم أعجب بهذه الوسيلة الحربية وسرعان ما دعا أصحابه إلى القيام بتحقيقها.

وهذا من جملة الأدلة الكثيرة التي تدل على أن الحكمة هي ضالة المؤمن، فحيثما وجدها التقطها بل هو أولى بها من غيره، وأن الشريعة الإسلامية بمقدار ما تكره للمسلمين اتباع غيرهم وتقليدهم على غير بصيرة، تحب لهم أن يجمعوا لأنفسهم أطراف الخير كله والمبادئ المفيدة جميعها، أينما لاح لهم ذلك، وحيثما وجد. فالقاعدة الإسلامية العامة في هذا الصدد، هي أن لا يعطل المسلم عقله الحر وتفكيره الدقيق في سلوكه وعامة شؤونه وأحواله، وإذا كان المسلم كذلك، فهو ولا ريب، لا يمكن أن يربط في عنقه زماماً يسلم طرفه للآخرين فيقودوه حيثما أرادوا بدون وعي ولا بصيرة، وهو أيضاً لا يمكن أن يتجاهل أي مبدأ أو عمل أو نظام يسلم به العقل النير والفكر الحر وينسجم مع مبادئ الشريعة الإسلامية، ليتجاوزه ولا يتعب نفسه بأخذه والاستفادة منه.

وقد استنبط علماء الحديث والسيرة من قصة بني قريظة هذه أحكاماً هامة نجملها فيما يلي:

أولاً - (جواز قتال من نقض العهد)، وقد جعل الإمام مسلم رحمه الله هذا الحكم عنواناً لغزوة بني قريظة، فالصلح والمعاهدة والاستئمان بين المسلمين وغيرهم، كل ذلك ينبغي احترامه والتزامه على المسلمين، ما لم ينقض الآخرون العهد أو الصلح أو الأمان


(١) الأحزاب: ١٠، ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>