للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشأم إلا اعترضوا لها. فقتلوهم وأخذوا أموالهم. فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل فمن أتاه فهو آمن فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فأنزل الله تعالى: (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم) حتى بلغ (الحمية حمية الجاهلية) (١) وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينهم وبين البيت.

وقال عقيل عن الزهري: (٢) "قال عروة: فأخبرتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحنهن. وبلغنا أنه لما أنزل الله تعالى أن يردوا إلى المشركين ما أنفقوا على من هاجر من أزواجهم، وحكم على المسلمين أن لا يمسكوا بعصم الكوافر، أن عمر طلق امرأتين - قريبة بنت أبي أمية. وابنة جرول الخزاعي فتزوج قريبة معاوية وتزوج الأخرى أبو جهم. فلما أبى الكفار أن يقروا بأداء ما أنفق المسلمون على أزواجهم أنزل الله تعالى: (وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم) (٣) والعقب ما يؤدي المسلمون إلى من هاجرت امرأته من الكفار، فأمر أن يعطى من ذهب له زوج من المسلمين ما أنفق من صداق نساء الكفار اللائي هاجرن، وما نعلم أحداً من المهاجرات ارتدت بعد إيمانها. وبلغنا أن أبا بصير بن أسيد الثقفي قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً مهاجراً في المدة، فكتب الأخنس بن شريق إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله أبا بصير" فذكر الحديث.

وأخرج أبو داود (٤) أيضاً عن المسور ومروان: "أنهم اصطلحوا على وضع الحرب عشر سنين، يأمن فيهن الناس، وعلى أن بيننا عيبة مكفوفة وأنه لا إسلال ولا إغلال".


= تزيلوا: انمازوا.
وحميت القوم: منعتهم حماية. وأحميت الحمى: جعلته حمى لا يدخل. وأحميت الرجل: إذا أغضبته إحماء.
(١) الفتح: ٢٤ - ٢٥ - ٢٦.
(٢) البخاري في نفس الموضع السابق (٥/ ٣٣٣).
بعصم الكوافر: العصم: جمع عصمة، وهو ما يتمسك به، والكوافر: جمع كافرة، وأراد بعصمها: عقد نكاحها.
(٣) الممتحنة: ١١.
(٤) أبو داود (٣/ ٨٦)، كتاب الجهاد، باب في صلح العدو.
عيبة مكفوفة: أصل العيبة: ما يجعل فيه الثياب، و (مكفوفة): أي مشدودة ممنوعة، والمراد أن بينهم أمراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>