للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله (وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية) وفي رواية ابن إسحاق "فقال صلى الله عليه وسلم: من يخرجنا على طريق غير طريقهم التي هم بها؟ " قال: فحدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم أن رجلاً من أسلم قال: أنا يا رسول الله، فسلك بهم طريقاً وعراً فأخرجوا منها بعد أن شق عليهم، وأفضوا إلى أرض سهلة، فقال لهم: استغفروا الله، ففعلوا. فقال: والذي نفسي بيده إنها للحطة التي عرضت على بني إسرائيل فامتنعوا، قال ابن إسحاق عن الزهري في حديثه "فقال: اسلكوا ذات اليمين بين ظهري الحمص في طريق تخرجه على ثنية المرار مهبط الحديبية أهـ.

قوله (وما ذاك لها بخلق) أي بعادة، قال ابن بطال وغيره: في هذا الفصل جواز الاستتار عن طلائع المشركين ومفاجأتهم بالجيش طلباً لغرتهم، وجواز السفر وحده للحاجة وجواز التنكيب عن الطريق السهلة إلى الوعرة للمصلحة. وجواز الحكم على الشيء بما عرف من عادته وإن جاز أن يطرأ عليه غيره، فإذا وقع من شخص هفوة لا يعهد منه مثلها لا ينسب إليها ويرد على من نسبه إليها، ومعذرة من نسبه إليها ممن لا يعرف صورة حاله، لأن خلاء القصواء لولا خارق العادة لكان ما ظنه الصحابة صحيحاً ولم يعاتبهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك لعذرهم في ظنهم، قال: وفيه جواز التصرف في ملك الغير بالمصلحة بغير إذنه الصريح إذا كان سبق منه ما يدل على الرضا بذلك، لأنهم قالوا حل حل فزجروها بغير إذن، ولم يعاتبهم عليه.

وفي المغازي من حديث البراء بن عازب في قصة الحديبية "أنه صلى الله عليه وسلم جلس على البئر ثم دعا بإناء فمضمض ودعا الله ثم صبه فيها ثم قال: "دعوها ساعة ثم إنهم ارتووا بعد ذلك" ويمكن الجمع بأن يكون الأمران معاً وقعا. وقد روى الواقدي من طريق أوس بن خولي "أنه صلى الله عليه وسلم توضأ في الدلو ثم أفرغه فيها وانتزع السهم فوضعه فيها" وهكذا ذكر أبو الأسود في روايته عن عروة: أنه صلى الله عليه وسلم تمضمض في دلو وصبه في البئر ونزع سهماً من كنانته فألقاه فيها ودعا ففارت" وهذه القصة غير القصة الآتية في المغازي أيضاً من حديث جابر قال "عطش الناس بالحديبية وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ركوة فتوضأ منها فوضع يده فيها. فجعل الماء يفور من بين أصابعه" الحديث، وكأن ذلك كان قبل قصة البئر والله أعلم. وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>