للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من قريش، فدخلنا على هرقل، فأجلسنا بين يديه، فقال: أيكم أقرب نسباً من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا، فأجلسوني بين يديه، وأجلسوا أصحابي خلفي، ثم دعا بترجمانه، فقال: قل لهم: إني سائل هذا عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي، فإن كذبني فكذبوه، قال أبو سفيان: وايم الله، لولا أن يؤثروا علي الكذب لكذبت، ثم قال لترجمانه، سله: كيف حسبه فيكم؟ قال: قلت: هو فينا ذو حسب، قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قال قلت: لا، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا، قال أيتبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم؟ قال: قلت: لا بل ضعفاؤهم، قال: يزيدون أو ينقصون؟ قلت: لا، بل يزيدون، قال: هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ قال: قلت: لا، قال: فهل قاتلتموه؟ قال قلت نعم، قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قال: قلت: تكون الحرب بيننا وبينه سجالاً، يصيب منا ونصيب منه، قال: فهل يغدر؟ قال: قلت: لا، ونحن منه في هذه المدة، لا ندري ما هو صانع فيها؟ - قال: والله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئاً غير هذه - قال: فهل قال هذا القول أحد قبله؟ قلت: لا، ثم قال لترجمانه: قل له: إني سألتك عن حسبه فيكم، فزعمت أنه فيكم ذو حسب، وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها، وسألتك: هل كان في آبائه ملك؟ فزعمت أن لا، فقلت: لو كان من آبائه ملك، قلت: رجل يطلب ملك آبائه، وسألتك عن أتباعه: أضعفاؤهم، أم أشرافهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم، وهم أتباع الرسل، وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال: فزعمت: أن لا، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس، ثم يذهب فيكذب على الله، وسألتك: هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ فزعمت: أن لا، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب، وسألتك: هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمت: أنهم يزيدون وكذلك الإيمان حتى يتم، وسألتك: هل قاتلتموه؟


= يؤثروا علي الكذب: أي: يرووا عني وينسبون إلي.
الحرب سجال: متماثلة: تارة لهؤلاء، وتارة لهؤلاء، وهو من المساجلة: المفاخرة، وهي أن تصنع مثل صنيع قرنك، وأصله من السجل، وهو الدلو لأن لكل واحد من الواردين دلواً مثل ما للآخر، أو لكل واحد منهم يوم في الاستقاء.
البشاشة: انشراح القلب بالشيء، والفرح بقبوله، وأصله في اللقاء، وهو الملاطفة في الملقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>