للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وترجع بين شعبتي الرحل ومضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب بقرية من قرى البلقاء يقال لها: ماب، ثم دنا العدو وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها: مؤتة، فالتقى الناس عندها وتعبأ المسلمون فجعلوا على ميمنتهم رجلاً من بني عذرة يقال له: قطبة بن قتادة، وعلى ميسرتهم رجلاً من الأنصار يقال له عبادة بن مالك، ثم التقى الناس واقتتلوا فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شاط في رماح القوم ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى إذا ألجمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها فقاتل القوم حتى قتل، وكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر في الإسلام.

٥٨٦ - * روى الطبراني عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: حدثني أبي الذي أرضعني، وكان أحد بني مرة بن عوف، وكان في تلك الغزاة غزوة مؤتة قال: والله لكأني أنظر إلى جعفر بن أبي طالب حين اقتحم عن فرس له شقراء ثم عقرها، ثم قاتل القوم حتى قتل، فلما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية ثم تقدم بها وهو على فرسه فجعل يستنزل نفسه وتردد بعض التردد ثم قال:

أقسمت يا نفسي لتنزلنه ... طائعة أو لتكرهنه

ما لي أراك تكرهين الجنه ... إن أجلب الناس وشدوا الرنه

لطالما قد كنت مطمئنة ... هل أنت إلا نطفة في شنه


= شعبتي الرحل: طرفاه المقدم والمؤخر.
تعبأ المسلمون: يقال: عبأت الجيش عبأ، وعبأتهم تعبئة وتعبيئاً، وقد يترك الهمز فيقال: عبيتهم تعبية: أي رتبتهم في مواضيعهم وهيأتهم للحرب.
شاط الرجل: إذا سال دمه وهلك.
ألجمه القتال: أحاط به.
عقر فرسه: ضرب قوائمها بالسيف. ويحتمل أنه قتلها والهدف من كلا التفسيرية ألا يستفيد منها العدو، وحتى لا تراوده نفسه على الهرب عليها.
٥٨٦ - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ١٥٩)، وقال: رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
أجلب: صاح.
الرنة: صوت فيه ترجيع شبيه بالبكاء.
نطفة: الماء القليل.
شنة: السقاء البالي. أي فيوشك أن تهراق النطفة أو ينخرق السقاء. ضرب ذلك مثلاً لنفسه في جسده.

<<  <  ج: ص:  >  >>