للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلم أنها إذا ذاقتْ وَبالَ ما اكتسبته عادت إلى عالمها، وسكن اضطرابها، وزالت شهوتها، واستراحت، فأحدثت هذا العالم بمعاونة الباري لها.

قال: ولولا ذلك لما قدرت على إحداث هذا العالم، ولولا هذه العلة لما حدث هذا العالم.

ولولا أن الله سبحانه يحكي عن المشركين والكفار أقوالًا أسخف من هذا وأبطل لاستحيا العاقلُ من حكاية مثل هذا، ولكن الله سبحانه سَنّ لنا حكاية أقوال أعدائه.

وفي ذلك من قُوّة الإيمان، وظُهور جلالته، ومعرفة قَدْرِه، وتمام نعمة الله تعالى على أهله به، ومعرفة قَدْر خِذلانه للعبد، وإلى أيّ شيء يُصَيّره الخِذلانُ، حتى يصير ضُحْكَةً لكل عاقل، فأيّ ضلالٍ وأي خِذلانٍ أعجبُ ممن يفني عُمُره في النظر والبحث، وهذا غايةُ علمه بالله عز وجل وبالمبدأ والمعاد؟

فصل

والمجوس تُعَظّم الأنوار، والنيران، والماء، والأرض، ويُقِرّون بنبوة (زرادَشْت)، ولهم شرائع يصيرون إليها، وهم فِرَقٌ شَتّى.

منهم: المَزْدَكِيَّة، أصحاب مَزْدَك الموبَذ، والموبذ عندهم: العالِمُ القدوة، وهؤلاء يَرَوْن الاشتراك في النساء والمكاسب كما يُشْتركُ في الهواء والطرق وغيرها.

ومنهم: الخُرّمِيّة أصحاب بابك الخُرّمِيّ، وهم شرّ طوائفهم، لا يُقِرّون بصانع، ولا مَعادٍ، ولا نُبوةٍ، ولا حلالٍ، ولا حرام.