للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمَّا نزلت هذه الآية شقّ أمرها على الصحابة، وقالوا: يا رسول الله! وأيُّنا لم يظلم نفسه؟ فقال: «إنما هو الشرك، ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]؟».

فحكمَ سبحانه للموحِّدين بالهدى والأمن، وللمشركين بضدّ ذلك، وهو الضلال والخوف.

ثم قال: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الأنعام: ٨٣].

قال أبو محمد بن حَزْمٍ (١): وكان الذي ينتحلُه الصابئون أقدمَ الأديان على وجْه الدّهْر، والغالبَ على الدنيا، إلى أن أحْدَثوا الحوادث، وبدّلوا شرائعه، فبعث الله إليهم إبراهيم خليله بدين الإسلام، الذي نحن عليه اليوم، وتَصْحيح ما أفسدوه، وبالحنيفيّة السَّمْحَة التي أتانا بها محمدٌ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عند الله تعالى، وكانوا في ذلك الزمان وبَعْدَه يُسَمَّون الحنفاء.

قلت: هم قسمان: صابئة مشركون، وصابئة حُنفاء، وبينهم مناظرات [١٥٠ ب]. وقد حكى الشّهْرِسْتَانيّ بعض مناظراتهم في كتابه (٢).

* * * *


(١) في الفصل (١/ ٣٦، ٣٧).
(٢) الملل والنحل (ص ٢٦٣ ــ ٢٩٨).