للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كثيرةٌ، وبينهما في الدِّين أعظم تَباين.

فذُو القرنين كان رجلًا صالحًا موحِّدًا لله تعالى، يؤمن بالله تعالى وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وكان يغزو عُبّاد الأصنام، وبلغ مشارق الأرض ومغاربها، وبني السّدّ بين الناس وبين يأجوج و مأجوج.

وأما هذا المقدوني فكان مُشركًا يعبد الأصنام هو وأهل مملكته، وكان بينه وبين المسيح نحو ألف سنة وست مئة سنة، والنصارى تؤرّخ [١٥٣ أ] له، وكان أرسطاطاليسُ وزيره، وكان مشركًا يعبد الأصنام، وهو الذي غزا دارا بن دارا ملك الفرس في عُقر داره، ففَلَّ عرشه، ومَزّق مُلكه، وفرّق جمعه، ثم دخل إلى الصين، والهند، وبلاد الترك، فقتل وسبى.

وكان لليونانيين في دولته عِزٌّ وسَطوة بسبب وزيره أرسطو، فإنه كان مُشيره ووزيره، ومُدبِّر مملكته.

وكان بعده لليونان عدة ملوك يُعْرَفون بالبطالمة، واحدهم بَطْلِيْمُوس، كما إن كسرى: ملكُ الفرس، وقيصر: ملك الروم.

ثم غلبهم الروم، واستولوا على ممالكهم، فصاروا رَعيّةً لهم، وانقرضَ مُلكهم، فصارت المملكة للروم، وصارت المملكة واحدة، وهم على شركهم من عبادة الأصنام، وهو دينهم الظاهر (١) ودين آبائهم، فنشأ فيهم سُقراط أحد تلامذة فِيثاغُورس، وكان من عُبّادهم ومُتألّهيهم، وجاهرهم بمخالفتهم في عبادة الأصنام، وقابَل رؤساءهم بالأدلة والحجج على بُطلان عبادتها، فثار عليه العامَّة، واضطرُّوا الملك إلى قَتله، فأودعه السجن ليكُفّهم


(١) «الظاهر» ساقطة من م.