للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعبود المسجود له.

ولعَمْرُ الله إن هذه مَسَبّة لله سبحانه ما سبَّه بها أحد من البشر قبلهم، ولا بعدهم، كما قال تعالى فيما يحكي عنه رسوله الذي نَزَّهه ونزَّه أخاه المسيح عن هذا الباطل، الذي {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} [مريم: ٩٠]، فقال: «شَتَمني ابنُ آدم، وما ينبغي له ذلك، وكذَّبني ابن آدم، وما ينبغي له ذلك، أما شتمه إيَّاي فقوله: اتخذ الله ولدًا، وأنا الأحد الصمد، الذي لم ألد، ولم أولد، ولم يكن لي كفوًا أحد. وأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما [١٥٨ ب] بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته» (١).

وقال عمر بن الخطاب (٢) رضي الله تعالى عنه في هذه الأمة (٣): أهينوهم ولا تظلموهم، فلقد سبُّوا الله عز وجل مسبّةً ما سَبّه إياها أحدٌ من البشر.


(١) أخرجه البخاري (٣١٩٣) عن أبي هريرة.
(٢) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وروى أبو نعيم في تاريخ أصبهان (٢/ ٣١) وابن عساكر في تاريخ دمشق (٢/ ١٨٣) من طريق ضمرة بن حبيب عن عمر قال: «سمّوهم ولا تكنوهم، وأذلّوهم ولا تظلموهم، وإذا جمعتكم وإيّاهم طريق فألجئوهم إلى أضيقها». وورد نحوه عن معاذ رضي الله عنه قال: «لا تأوَوا لهم؛ فإنّ الله قد ضربهم بذلّ مُفدَم، وإنهم سبُّوا الله سبًّا لم يسبّه أحد من خَلقْه؛ دعَوا الله ثالث ثلاثة»، رواه الحربي في غريب الحديث (٣/ ١٠٧٤)، والطبراني في مسند الشاميين (١٠٤١)، والخطابي في غريب الحديث (٢/ ٣١١) واللفظ له، ولفظ الحربي: «بِذُلّ مُغرم».
(٣) م: «الآية» تحريف.