للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: ١٣٨، ١٣٩].

فأي جهلٍ فوق هذا؟ والعهد قريبٌ، وإهلاك المشركين أمامهم بِرَأيِ عيونهم، فطلبوا من موسى عليه السلام أن يَجعلَ لهم إلهًا، فطلبوا من مخلوق أن يجعل لهم إلهًا مخلوقًا، وكيف يكون الإله مجعولًا؟ فإن الإله هو الجاعلُ لكلّ ما سواه، والمجعولُ مربوبٌ مصنوعٌ، فيستحيل أن يكون إلهًا.

وما أكثر الخَلَف لهؤلاء في اتخاذ إله مجعول، فكل من اتخذ إلهًا غير الله فقد اتخذ إلهًا مجعولًا!

وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان في بعض غزواته، فمرّوا بشجرة يُعَلِّق عليها المشركون أسلحتهم وشاراتهم وثيابَهم، يسمُّونها ذات أنواطٍ، فقال بعضهم: يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواطٍ كما لهم ذاتُ أنواط! فقال: «الله أكبر! قلتم كما قال قوم موسى لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: ١٣٨]! ثم قال: «لتركبُنّ سَنَنَ من كان قبلكم حَذْوَ القُذّة بالقُذّة» (١).

فصل

ومن تلاعبه بهم: عبادتُهم العجلَ من دون الله تعالى، وقد شاهدوا ما حلّ بالمشركين من العقوبة، والأخذة الرابية، ونبيّهم حَيٌّ لم يمت.

هذا، وقد شاهدوا صانِعَهُ يصنعه ويصوغُه، ويُصْلِيه النارَ، ويَدُقّه بالمطرقة، ويَسْطُو عليه بالمبرد، ويُقَلّبه بيديه ظهرًا لبطن.


(١) تقدم تخريجه.