للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (٩٠) قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: ٩٠، ٩١].

وقال السّدي (١): لما أمر الله موسى أن يَخرج ببني إسرائيل من أرض مصر، أمر موسى بني إسرائيل أن يخرجوا، وأمرهم أن يستعيروا الحُلِيّ من القِبْطِ، فلما نَجّى الله موسى ومَنْ معه من بني إسرائيل من البحر، وأغرق آل فرعون، أتى جبريلُ إلى موسى ليذهب به إلى الله، فأقبل على فرس، فرآه السامريّ، فأنكره، ويقال: إنه فرس الحياة، فقال حين رآه: إن لهذا لشأنًا، فأخذ من تربة حافر الفرس، فانطلق موسى عليه السلام، واستخلف هارونَ على بني إسرائيل، وواعدهم ثلاثين ليلةً، فأتمَّها الله تعالى بعشر، فقال لهم هارونُ: يا بني إسرائيل! إن الغنيمة لا تَحِلّ لكم، وإن حُليّ القِبْطِ إنما هو غنيمة، فاجمعوها جميعًا واحفروا لها حُفْرَة، [١٦٤] فادفنوها، فإن جاء موسى فأحلَّها أخذتموها، فجمعوا ذلك الحلي في تلك الحفرة، وجاء السامريّ بتلك القبضة، فقذفها، فأخرج الله من الحلي عجلًا جسدًا له خُوارٌ، فلما رأوه قال لهم السامري: {هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ}، يقول: ترك موسى إلهه هاهنا، وذهب يطلبه، فعكفوا عليه يعبدونه، وكان يخور ويمشي، فقال لهم هارون: يا بني إسرائيل! {إِنَّمَا فُتِنْتُمْ} يقول: إنما ابتليتم بالعجل، {وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ}، فأقام هارون ومن معه من بني إسرائيل لا يقاتلونهم، وانطلق موسى إلى الله يكلِّمه، فلما كلَّمه قال له: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى (٨٣) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (٨٤) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا


(١) رواه الطبري في تفسيره (٩١٩) من طريق أسباط بن نصر عن السدي.