للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} [طه: ٨٣ ـ ٨٥]، فأخبره خبرهم، قال موسى: يا رب! هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل، فالروحُ مَنْ نفخها فيه؟ قال الرب تعالى: أنا، قال: يا ربِّ! أنت إذًا أضللتهم!

وقال ابن إسحاق (١)، عن حكيم بن جُبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان السامري من قوم يعبدون البقر، فكان يحبُّ عبادة البقر في نفسه، وكان قد أظهر الإسلام في بني إسرائيل، فلما ذهب موسى إلى ربه قال لهم هارون: أنتم قد حملتم أوزارًا من زينة القوم آل فرعون وأمتعةً وحُلِيًّا، فتطهَّروا منها فإنها نَجَس، وأوقد لهم نارًا، فقال: اقذفوا ما كان معكم من ذلك فيها، فجعلوا يأتون بما كان معهم من تلك الأمتعة والحلي، فيقذفون به فيها، حتى إذا انكسر الحليّ فيها، ورأى السامريّ أثر فرس جبريل، فأخذ ترابًا من أثر حافره، ثم أقبل إلى النار، فقال لهارون: يا نبي الله! أُلقي ما في يدي؟ ولا يَظنّ هارون إلا أنه كبعض ما جاء به غيره من الحلي والأمتعة، فقَذَفه فيها، فقال: كُن عجلًا جسدًا له خوار، فكان البلاء والفتنة، فقال هذا إلهكم وإله موسى، فعكفوا عليه، وأحبوه حبًّا لم يحبُّوا شيئًا مثله قط، يقول الله عز وجل: {فَنَسِيَ} أي: ترك ما كان عليه من الإسلام، يعني: السامري {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} [طه: ٨٩].


(١) رواه الطبري في تفسيره (٩٢١)، وروى بعضه ابن أبي حاتم في تفسيره (٨٩٨٦) من طريق القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير بنحوه.