للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الله تعالى، فجاءتهم صاعقة فصعقتهم، فماتوا أجمعون، قال: ثم أحياهم الله تعالى بعد موتهم، فقال لهم موسى: خذوا كتاب الله، فقالوا: لا، فقال: أيُّ شيء أصابكم؟ قالوا: متنا ثم حَيِينا، فقال: خذوا كتاب الله، قالوا: لا، قال: فبعث الله ملائكته، فنَتَقَت الجبلَ فوقهم، فقيل لهم: أتعرفون هذا؟ قالوا: نعم الطور، قال: خذوا الكتاب وإلا طرحناه عليكم، قال: فأخذوه بالميثاق.

وقال السُّدي (١): لما قال الله تعالى لهم: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: ٥٨] فأبوا أن يسجدوا، فأمر الله الجبل أن يرتفع فوق رؤوسهم، فنظروا إليه وقد غَشِيهم، فسقطوا سُجَّدًا على شِقٍّ، ونظروا بالشق الآخر، فكشفه عنهم، ثم تولَّوا من بعد هذه الآيات وأعرضوا، ولم يعملوا بما في كتاب الله، ونبذوه وراء ظهورهم، فقال تعالى مذكِّرًا لهؤلاء بما جرى من أسلافهم: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [البقرة: ٦٣، ٦٤].

فصل

ومن تلاعبهم بهم: أن الله سبحانه أنجاهم من فرعون وسلطانه وظلمه، وفَرَق بهم البحر، وأراهم الآيات والعجائب، ونصرهم وآواهم، وأعزَّهم وآتاهم ما لم يُؤْتِ أحدًا من العالمين، ثم أمرهم أن يدخلوا القرية التي كتب الله لهم.


(١) رواه الطبري في تفسيره (١١٢٢)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٦٥٤) من طريق أسباط بن نصر عن السدي.