للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعلومٌ أنهم كانوا يعصون الله تعالى بأكل الحرام، واستباحة الفروج الحرام، والدم الحرام، وذلك أعظم إثمًا من مُجَرّد العمل يوم السبت، ولكن لما استحلّوا محارم الله تعالى بأدنى الحيل، وتلاعبوا بدينه، وخادعوه كمُخادعة الصبيان، ومَسَخُوا دينه بالاحتيال، مَسَخَهم الله قِردَةً.

وكان الله سبحانه قد أباح لهم الصيد في كل أيام الأسبوع إلا يومًا واحدًا، فلم يَدَعْهُم حِرْصُهم وجَشَعُهُمْ حتى تعدَّوا إلى الصيد فيه، وساعد القدر بأن عوقبوا بإمساك الحيتان عنهم في غير يوم السبت، وإرسالها عليهم يوم السبت.

وهكذا يفعلُ الله سبحانه بمن تَعَرّض لمحارمه فإنه يُرْسِلُها عليه بالقَدَر، حتى تَزْدَلِفَ إليه بأيها يبدأ.

فانظر ما فعلَ الحرص، وما أوجبَ من الحرمان بالكُلّية ومن هاهنا قيل: مَنْ طَلَبَه كلّهُ فاته كُلّه.

فصل

ومن تلاعب الشيطان بهم أيضًا: أنهم لما حُرّمت عليهم الشحوم أذابوها، ثم باعوها، وأكلوا أثمانها. وهذا من عدم فِقْههِمْ وفهْمهم عن الله تعالى دينه فإن أثمانَها بدلٌ منها، فتحريمها تحريمٌ لبدلها والمعاوضة عنها، كما أن تحريم الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير يتناولُ تحريم أعيانها وأبدالها.

ومن تلاعبه بهم أيضًا: اتخاذُ قبور أنبيائهم مساجد، وقد لعنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولَعنَتُه تتناول مَنْ فعل فِعْلهم.