للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم كان منهم في شأن المسيح ورَمْيهِ وأمّه بالعظائم، وهم يعلمون أنه رسول الله تعالى إليهم، فكفروا به بَغْيًا وعنادًا، وراموا قَتْله وصَلْبه، فصانه الله تعالى من ذلك، ورفعه إليه، وطَهّره منهم، فأوقعوا القتل والصّلب على شِبْهِه، وهم يظنُّون أنه رسول الله عيسى - صلى الله عليه وسلم -، فانتقم الله تعالى منهم، ودَمّر عليهم أعظم تدميرٍ، ولزمَهم كلَّهم حكمُ الكفر بتكذيبهم بالمسيح، كما لزم النصارى معهم حكمُ الكفر بتكذيبهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -.

ولم يزل أمر اليهود بعد تكذيبهم بالمسيح وكفرهم به في سِفال ونَقْصٍ، إلى أن قَطّعهم الله تعالى في الأرض أُممًا، ومَزّقهم كلّ مُمَزَّق، وسَلَبهم عزَّهم وملكهم، [١٦٧ ب] فلم يَقُمْ لهم بعد ذلك مُلك.

فلما بعث الله تعالى محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، فكفروا به وكذَّبوه: أتمّ عليهم غَضَبه، ودمرهم غاية التدمير، وألزمهم ذُلًّا وصَغارًا لا يُرفع عنهم إلى أن ينزل أخوه المسيح من السماء، فيستأصل شأفتَهم، ويُطَهّر الأرض منهم، ومن عُبّاد الصليب.

قال تعالى: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ} [البقرة: ٩٠].

فالغضب الأول: بسبب كفرهم بالمسيح، والغضب الثاني: بسبب كفرهم بمحمد صلوات الله وسلامه عليهما.

فصل

ومن تلاعب الشيطان بهذه الأمة: أن ألْقَى إليهم أن الربّ سبحانه وتعالى محجور عليه في نَسْخ الشرائع، فحجروا عليه أن يفعل ما يشاء