للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرائع، وكذلك إباحة العمل يوم السبت كان مصلحةً في شريعة إبراهيم عليه السلام ومَنْ قبله، مفسدة في شريعة موسى عليه السلام.

وأمثال ذلك كثيرة.

وإن منعتم مراعاة المصالح في الأحكام، ومنعتم تعليلها بها، فالأمر حينئذٍ أظهرُ فإنه سبحانه يُحَلّلُ ما يشاء، ويُحرّم ما يشاء، والتحليل والتحريم تبعٌ لمجرَّد مشيئته، لا يُسْألُ عمّا يَفْعلُ.

وإن قلتم: لا نستغني في الطهارة عن ذلك الطُّهور الذي كان عليه أسلافنا فقد أقررتم بأنكم الأنجاسُ أبدًا، ولا سبيل لكم إلى حصول الطهارة.

فإن قالوا: نعم، الأمر كذلك.

قيل لهم: فإذا كنتم أنجاسًا على مقتضى أصولكم، فما بالُكم تعتزلون الحائض بعد انقطاع الحيض وارتفاعه سبعة أيام اعتزالًا تخرجون فيه إلى حدٍّ، لو أن أحدكم لمس ثوبُه ثوبَ المرأة نجّسْتموه مع ثوبه؟

فإن قلتم: ذلك من أحكام التوراة.

قيل لكم: أليس في التوراة: أن ذلك يراد به الطهارة، فإذا كانت الطهارة قد تعذَّرت عندكم، والنجاسة التي أنتم عليها لا ترتفع بالغسل، فهي إذًا أشد من نجاسة الحيض.

ثم إنكم ترون أنَّ الحائض طاهر إذا كانت من غير ملتكم، ولا تَخشون مِنْ لَمْسها، ولا الثوب الذي تلمسه، فتخصيص هذا الأمر بطائفتكم ليس في التوراة.