للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابع: أن الله سبحانه بشر سارة أمّ إسحاق {بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: ٧١]، فبشرها بهما جميعًا، فكيف يأمُرُ بعد ذلك بذبح إسحاق، وقد بشّر أبويه بوَلدِ ولدِهِ؟

الخامس: أن الله سبحانه وتعالى لمَّا ذكر قصة الذبيح وتسليمه نفسه لله تعالى، وإقدام إبراهيم على ذبحه، وفرغ من قصته، قال بعدها: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: ١١٢]، فشكر الله تعالى له استسلامه لأمره، وبَذْلَ ولده له، وجعل من إثابته على ذلك أن آتاه إسحاق، فنجّى إسماعيلَ من الذبح، وزاده عليه إسحاق.

السادس: أن إبراهيم صلوات الله تعالى وسلامه عليه سأل ربّه الولد، فأجاب الله دعاءَه، وبشّره به، فلما بلغ معه السعي أمره بذبحه، قال تعالى: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: ٩٩ ـ ١٠١].

فهذا دليل على أن هذا (١) الولد إنما بُشّر به بعد دعائه وسؤاله رَبّه أن يهب له ولدًا، وهذا المبشَّر به هو المأمورُ بذبحه قطعًا، بنصّ القرآن.

وأما إسحاق فإنه بُشّر به من غير دعوة منه، بل على كِبر السنّ، وكون مثله لا يُولَدُ له، وإنما كانت البشارة به لامرأته سارة، ولهذا تعجّبت من حصول الولد منها ومنه.

قال تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا


(١) «هذا» ساقطة من م.