للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التوّابين، واجعلني من المتطهِّرين» (١)، فطهارة القلب بالتوبة، وطهارة البدن بالماء. فلما اجتمع له طهوران صلح للدخول على الله، والوقوف بين يديه ومناجاته.

وسألت شيخ الإسلام عن معنى دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم طهِّرني من خطاياي بالماء والثلج والبَرَد» (٢)، كيف تُطهَّر الخطايا بذلك؟ وما فائدة التخصيص بذلك؟ وقوله في لفظ آخر: «والماء البارد»، والحارُّ أبلغ في الإنقاء؟

فقال: الخطايا تُوجب للقلب حرارةً ونجاسة وضعفًا، فتُرخي القلبَ، وتُضْرِمُ (٣) فيه نارَ الشهوة، وتنجِّسه، فإن الخطايا والذنوب له بمنزلة الحطب الذي يمدُّ النار ويوقدها، ولهذا كلما كثرت الخطايا اشتدت نار القلب وضعفه، والماء يغسل الخبث ويُطفئ النار، فإن كان باردًا أورث الجسم صلابة وقوة، فإن كان معه ثلج وبردٌ كان أقوى في التبريد وصلابة الجسم وشدَّته، فكان أذهبَ لأثرِ الخطايا.


(١) جزء من حديث رواه الترمذي (٥٥) عن عمر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء»، وأعله بالاضطراب، وهو في صحيح مسلم (٢٣٤) بدون قوله: «اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين»، وحسنه ابن القيم في المنار المنيف (ص ١٢١)، وصححه الألباني في الإرواء (٩٦). وفي الباب عن علي وثوبان وأنس والبراء رضي الله عنهم.
(٢) أخرجه البخاري (٧٤٤)، ومسلم (٥٩٨) عن أبي هريرة.
(٣) م: «فيرتخي القلب وتضطرم».