للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [الفتح: ٦].

فلم يُجمَع على أحد من الوعيد والعقوبة ما جُمِع على أهل الإشراك؛ فإنهم ظنوا به ظنَّ السوء حتى أشركوا به، ولو أحسنوا به الظن لوحَّدوه حق توحيده، ولهذا أخبر سبحانه عن المشركين أنهم ما قَدَروه حقَّ قدره في ثلاثة (١) مواضع من كتابه (٢)؛ وكيف يَقدِرُه حقَّ قدره من جعل له عِدْلاً ونِدًّا يحبه، ويخافه، ويرجوه، ويَذِلُّ له، ويخضع له، ويهرب من سخطه، ويُؤْثِرُ مَرْضَاتَهُ؟

قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة: ١٦٥]، وقال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: ١]؛ أي يجعلون له عِدْلاً في العبادة والمحبة والتعظيم.

وهذه هي التسوية التي أثبتها المشركون بين الله وبين آلهتهم، وعرفوا في النار أنها كانت ضلالاً وباطلاً، فيقولوا لآلهتهم وهم في النار مَعَهُمْ: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٩٧، ٩٨]، ومعلوم أنهم ما سوَّوهم (٣) به في الذات والصفات والأفعال، ولا


(١) م، ظ، ت: «ثلاث».
(٢) هي في سورة الأنعام/٩١، وسورة الحج/ ٧٤، وسورة الزمر/ ٦٧.
(٣) الأصل: «ساووهم».