للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان محمد بن أسلم الطُّوسي ــ الإمام المتفق على إمامته مع رتبته ــ أتبع الناس للسنة في زمانه، حتى قال: «ما بلغني سنةٌ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا عملت بها، ولقد حرصت على أن أطوف بالبيت راكبًا، فما مُكّنت من ذلك» (١).

فسُئل بعض أهل العلم في زمانه عن السّواد الأعظم الذين جاء فيهم الحديث: «إذا اختلف الناس فعليكم بالسواد الأعظم» (٢): مَنِ السواد الأعظم؟ فقال: «محمد بن أسلم الطُّوسي هو السواد الأعظم» (٣).

وصدق والله؛ فإن العصر إذا كان فيه إمامٌ عارف بالسنة داعٍ إليها، فهو الحجة، وهو الإجماع، وهو السوادُ الأعظم، وهو سبيل المؤمنين التي من فارقها واتبع سواها ولَّاه الله ما تولى، وأصلاه جهنّم، وساءت مصيرًا.

والمقصود أن من علامات أمراض القلوب عُدُولَها عن الأغذية النافعة الموافقة لها إلى الأغذية الضارة، وعُدُولَها عن دوائها النافع إلى دائها الضار، فهنا أربعة أمور: غذاء نافع، ودواء شافٍ، وغذاء ضارٌّ، وداءٌ (٤) مهلك.


(١) لم أقف عليه.
(٢) رواه عبد بن حميد (١٢١٨)، وابن ماجه (٣٩٥٠)، وابن أبي عاصم في السنة (٨٤)، وابن عدي في الكامل (٦/ ٣٢٨)، وغيرهم عن أنس رضي الله عنه، وضعفه ابن كثير في تحفة الطالب (٣٧)، والبوصيري في الزوائد، وابن حجر كما في فيض القدير (٢/ ٤٣١)، وعبد الله الغماري في تخريج أحاديث اللمع (ص ٢٤٦)، وهو في السلسلة الضعيفة (٢٨٩٦).
(٣) سئل ابن راهويه: من السواد الأعظم؟ فقال: «محمد بن أسلم وأصحابه ومن تبعه». رواه أبو نعيم في الحلية (٩/ ٢٣٨، ٢٣٩)، ومن طريقه الذهبي في السير (١٢/ ١٩٦ - ١٩٧).
(٤) ت، ظ، ش: «ودواء».