للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالقلب الصحيح: يُؤثِرُ النافعَ الشافي على الضارِّ المؤذي، والقلب المريض بضدِّ ذلك.

وأنفع الأغذية: غذاء الإيمان، وأنفع الأدوية: دواء القرآن، وكلٌّ منهما فيه الغذاء والدواء.

ومن علامات صحته أيضًا أن يرتحل عن الدنيا حتى ينزل بالآخرة، ويحلَّ فيها، حتى يبقى كأنه من أهلها وأبنائها، [٢٢ أ] جاء إلى هذه الدار غريبًا، يأخذ منها حاجته، ويعود إلى وطنه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمر: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وعُدَّ نفسك من أهل القبور» (١).

فَحَيَّ عَلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ فَإِنَّهَا ... مَنَازِلُكَ الأولَى وَفِيهَا المُخَيَّمُ

وَلكِنَّنَا سَبْيُ العَدُوِّ فَهَلْ تُرَى ... نَعُودُ إلَى أَوْطَانِنَا وَنُسَلِّمُ؟ (٢)

وقال على بن أبي طالب رضي الله عنه: «إن الدنيا قد ترحّلت مدبرةً، وإن الآخرة قد ترحّلت مقبلةً، ولكلٍ منهما بَنُونَ، فكونوا من أبناء الآخرة،


(١) رواه ابن المبارك في الزهد (ص ٥)، وابن أبي شيبة (٧/ ٧٥)، وأحمد (٢/ ٢٤، ٤١)، والترمذي (٢٣٣٣)، وابن ماجه (٤١١٤)، وغيرهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وقواه الألباني في السلسلة الصحيحة (٣/ ١٤٨). وهو في صحيح البخاري (٦٠٥٣) بدون قوله: «وعدَّ نفسك من أهل القبور».
(٢) البيتان من ميمية المؤلف التي نشرت لأول مرة في الهند سنة ١٣١٦ ضمن مجموعة تسمى «أربح بضاعة في معتقد أهل السنة والجماعة» (جمعها علي بن سليمان آل يوسف). وأورد المؤلف منها أبياتًا كثيرة في طريق الهجرتين (ص ١٠٨ ـ ١١٥)، وحادي الأرواح (ص ١٢ ـ ١٥). ومطلع القصيدة في الرسالة التبوكية (ص ٣).