للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخرى غير حياة الغافلين المعرضين عن هذا الأمر الذي له خُلِقَ الخَلْقُ، ولأجله خُلِقت الجنة والنار، وله أُرْسِلت الرسل وأُنزلت الكتب، ولو لم يكن له جزاءً إلا نفسُ وجوده لكفى به جزاءً، وكفى بفوته حسرةً وعقوبةً، كما قيل:

وَمَن صَدَّ عَنَّا حَظُّهُ (١) البُعْدُ والقِلَى ... وَمَنْ فاتَنا (٢) يَكْفِيهِ أَنِّي أَفُوتُهُ (٣)

قال بعض العارفين: «مساكين أهل الدنيا، خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبة الله، والأنس به، والشوق إلى لقائه، والتنعُّم بذكره وطاعته» (٤).

وقال آخر: «إنه ليمر بي أوقات أقول فيها: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيِّب» (٥).

وقال آخر: «والله ما طابت الدنيا إلا بمحبته وطاعته، ولا الجنة إلا برؤيته ومشاهدته» (٦).


(١) ح، ش: «حسبه».
(٢) في النسخ: «فته»، والمثبت من ح.
(٣) لم أجد البيت فيما بين يدي من المصادر.
(٤) روى أبو نعيم في الحلية (٨/ ١٦٧) بإسناده عن عبد الله بن المبارك قال: «أهل الدنيا خرجوا من الدنيا قبل أن يتطعَّموا أطيب ما فيها»، قيل له: وما أطيب ما فيها؟ قال: «المعرفة بالله عز وجل».
(٥) ذكر ابن كثير في البداية والنهاية (١٠/ ٢٥٧) عن أبي سليمان الداراني أنه قال: «إنه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها طربًا، فأقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب».
(٦) روى أبو نعيم في الحلية (٩/ ٣٧٢) بإسناده عن ذي النون المصري قال: «ما طابت الدنيا إلا بذكره، ولا طابت الآخرة إلا بعفوه، ولا طابت الجنان إلا برؤيته».