للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعنى على هذا: زيَّنوا لهم ما عملوه، فلم يتوبوا منه، وما يعزمون عليه، فلا ينوون تركه.

فقول عدو الله: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} يتناول الدنيا والآخرة، وقوله: {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} [الأعراف: ١٧]، فإن كاتب الحسنات عن اليمين يَستحِثُّ صاحبه على فعل الخير، فيأتيه الشيطان من هذه الجهة يُثبّطه عنه، وكاتب السيئات عن الشمال ينهاه عنها، فيأتيه [٣٢ أ] الشيطان من تلك الجهة يُحرّضه عليها؛ وهذا تفصيل ما أجمله في قوله: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٢].

وقال تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (١١٧) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (١١٨) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (١١٩) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [النساء: ١١٧ ـ ١٢٠].

قال الضحاك: «مفروضًا أي: معلومًا» (١).

وقال الزجاج: «أي: نصيبًا أفترِضُه على نفسي» (٢).

قال الفراء: «يعني ما جُعل له عليه السبيلُ من الناس فهو كالمفروض» (٣).


(١) رواه ابن جرير في تفسيره (٩/ ٢١٢) من طريق جويبر عنه.
(٢) معاني القرآن له (٢/ ١٠٩)، وزاد المسير (٢/ ٢٠٥).
(٣) انظر: معاني القرآن له (١/ ٢٨٩)، وتفسير الخازن (١/ ٥٩٩).