للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُهِينُ لَهُمْ نَفْسِي لأرْفَعهَا بِهِمْ ... وَلَنْ تُكْرَمَ النَّفْسُ الَّتِي لا تُهِينُهَا (١)

وغَلِط هذا القائلُ؛ فإن ذلك لا يصلح إلا لله وحده؛ فإنه كلما أهان العبد نفسه له أكرمه وأعزَّه، بخلاف المخلوق، فإنك كلما أهنت نفسك له ذَلَلْتَ عند الله وعند أوليائه، وهُنْتَ عليه.

فصل

ومن كيده وخداعه: أنه يأمر الرجل بانقطاعه في مسجد، أو رباط، أو زاوية، أو تربة، ويحبسه هناك، وينهاه عن الخروج، ويقول له: متى خرجتَ تبذّلت للناس، وسقطت من أعينهم، وذهبتْ هيبتُك من قلوبهم، وربما ترى في طريقك منكرًا.

وللعدو في ذلك مقاصد خفية يريدها منه، منها: الكبر، واحتقار الناس، وحفظ الناموس، وقيام الرياسة. ومخالطةُ الناس تُذهِب ذلك، وهو يريد أن يُزار ولا يزور، ويقصده الناس ولا يقصدهم، ويفرح بمجيء الأمراء إليه، واجتماع الناس عنده، وتقبيل يده، فيترك من الواجبات والمستحبات والقُرُبات ما يُقرِّبه إلى الله، ويتعوّض عنه بما يُقرِّب الناسَ إليه.

وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج إلى السوق (٢).


(١) البيت بلا نسبة في البيان والتبيين (٢/ ١٨٩)، وعيون الأخبار (١/ ٩١)، والعقد الفريد (١/ ٧٠)، وبهجة المجالس (١/ ٢٦٥)، وقد تمثل به الشافعي كما في آداب الشافعي لابن أبي حاتم (ص ١٢٧)، وحلية الأولياء (٩/ ١٤٨)، وجامع بيان العلم (١/ ١١٧)، والانتقاء (ص ٩١)، ووفيات الأعيان (٧/ ٦٤)، وطبقات الشافعية للسبكي (٢/ ١٦٥).
(٢) ورد ذلك في أحاديث كثيرة.