للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في الجواب عما احتج به أهل الوسواس

أما قولهم: إن ما نفعله احتياط لا وسواس.

قلنا: سمُّوه ما شئتم، فنحن نسألكم: هل هو موافق لفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمره وما كان عليه أصحابه؛ أو مخالف؟

فإن زعمتم أنه موافق فبَهْتٌ وكذب صريح، فإِذَنْ لا بد من الإقرار بعدم موافقته، وأنه مخالف له، فلا ينفعكم تسمية ذلك [٤٧ أ] احتياطًا، وهذا نظير مَن ارتكب محظورًا وسماه بغير اسمه، كما تُسمَّى الخمر بغير اسمها، والربا: معاملة، والتحليل الذي لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعله (١): نكاحًا، ونَقْرَ الصلاة الذي (٢) أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن فاعله لم يصل (٣)، وأنه لا تُجزئه صلاته ولا يقبلها الله منه: تخفيفًا! فهكذا تسمية الغُلُوِّ في الدين والتنطُّع احتياطًا.

وينبغي أن يُعلم أن الاحتياط الذي ينفع صاحبه ويُثيبه الله عليه: الاحتياطُ في موافقةِ السنة، وترك مخالفتها، والاحتياط كلُّ الاحتياط في ذلك؛ وإلا فما احتاط لنفسه مَنْ خرج عن السنة، بل ترك حقيقة الاحتياط في ذلك.


(١) كما في حديث ابن مسعود الذي أخرجه أحمد (١/ ٤٤٨)، والترمذي (١١٢٠)، والنسائي (٦/ ١٤٩) وغيرهم. وإسناده صحيح.
(٢) في الأصل: «التي». والتصويب من النسخ الأخرى.
(٣) أخرجه البخاري (٧٩٣)، ومسلم (٣٩٧) عن أبي هريرة في حديث المسيئ صلاته.