للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتجوا بما رواه مسلم في «صحيحه» (١) عن أبى هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا، فأشكل عليه: أخَرجَ [٥٠ ب] منه شيء أم لا؟ فلا يخرج من المسجد، حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا». وهذا يَعُمُّ المصلي وغيره.

وأصحاب القول الأول يقولون: الصلاة ثابتة في ذمَّته بيقين، وهو يشك في براءة الذمة منها بهذا الوضوء، فإنه على تقدير بقائه هي صحيحة، وعلى تقدير انتقاضه باطلة، فلم يتيقن براءة ذمته، ولأنه شك في شرط الصلاة: هل هو ثابت أم لا؟ فلا يدخل فيها بالشك.

والآخرون يجيبون عن هذا؛ بأنها صلاة مستندة إلى طهارة معلومة قد شك في بطلانها، فلا يلتفت إلى الشك، ولا يزيل اليقين به، كما لو شكّ: هل أصاب ثوبَه أو بدنَه نجاسةٌ؟ فإنه لا يجب عليه غَسْلُهُ، وقد دخل في الصلاة بالشك.

ففرَّقوا بينهما بفرقين:

أحدهما: أن اجتناب النجاسة ليس بشرط، ولهذا لا يجب نيَّته، وإنما هو مانع، والأصل عدمه، بخلاف الوضوء، فإنه شرط، وقد شك في ثبوته، فأين هذا من هذا؟

الثاني: أنه قد كان قبل الوضوء مُحْدِثًا، وهو الأصل فيه، فإذا شك في بقائه كان ذلك رجوعًا إلى الأصل، وليس الأصل فيه النجاسة، حتى نقول: إذا شك في حصولها رجعنا إلى أصل النجاسة، فهنا يرجع إلى أصل الطهارة، وهناك يرجع إلى أصل الحدث.


(١) رقم (٣٦٢). وقد تقدم.