للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى «الصحيحين» (١) أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قاتَل الله اليهود! اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».

وفى رواية مسلم (٢): «لعن الله اليهود والنصارى! اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».

فقد نهى عن اتخاذ القبور مساجد في آخر حياته، ثم إنه لعن وهو في السياق مَنْ فعل ذلك من أهل الكتاب؛ ليُحذِّر أمته أن يفعلوا ذلك.

قالت عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي لم يَقُمْ منه: «لعن الله اليهود والنصارى! اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، ولولا ذلك لأُبْرِزَ قبرهُ؛ غير أنه خُشي أن يُتخذ مسجدًا. متفق عليه (٣).

وقولها: «خُشيَ» هو بضم الخاء؛ تعليلاً لمنع إبراز قبره.

وروى الإمام أحمد في «مسنده» (٤) بإسناد جيد عن عبد الله بن مسعود


(١) البخاري (٤٣٧)، ومسلم (٥٣٠).
(٢) مسلم (٥٣٠).
(٣) البخاري (١٣٣٠)، ومسلم (٥٢٩).
(٤) مسند أحمد (١/ ٤٠٥، ٤٣٥) من طريق زائدة عن عاصم بن أبي النجود عن شقيق عن ابن مسعود، وبهذا السند رواه ابن أبي شيبة (٣/ ٣٠)، والبزار (١٧٢٤)، وأبو يعلى (٥٣١٦)، والشاشي (٥٢٨)، والطبراني في الكبير (١٠/ ١٨٨)، وغيرهم، وصححه ابن خزيمة (٧٨٩)، وابن حبان (٢٣٢٥، ٦٨٤٧)، وابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٤٢٨)، وحسنه في الاقتضاء (ص ٣٣٠)، وقال الذهبي في السير (٩/ ٤٠١): «هذا حديث حسن قوي الإسناد»، وحسنه الهيثمي في المجمع (٢/ ١٤٣) وقال (٨/ ٢٦): «عاصم ثقة وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح»، وحسنه الشوكاني في شرح الصدور (ص ٥٣)، والشنقيطي في الأضواء (٢/ ٢٩٦). وله طريق أخرى، فرواه أحمد (١/ ٤٥٤) والبزار (١٧٨١) من طريق الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة السلماني عن ابن مسعود، وبمجموع الطريقين صححه الألباني في تحذير الساجد (ص ٢٣). وفي الباب عن أبي عبيدة بن الجراح وعلي وعمران بن حصين رضي الله عنهم.