للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإكرامها (١) بما نهى عنه الشرع، من إيقاد النيران وتقبيلها وتخليقها، وخطاب الموتى بالحوائج، وكَتْب الرّقاع فيها: يا مولاي! افعل بي كذا وكذا، وأخذ تربتها تبرُّكًا، وإفاضة الطِّيب على القبور، وشد الرحال إليها، وإلقاء الخِرَق على الشجر، اقتداءً بمن عبد اللّات والعزّى، والويلُ عندهم لمن لم يُقَبِّل مَشهد الكفّ، ولم يتمسّح بآجُرّة مسجد الملموسة يوم الأربعاء، ولم يقل الحمالون على جنازته: الصديق أبو بكر أو محمد أو علي، أو لم يعقد على قبر أبيه أزجًا بالجِصّ والآجرّ، ولم يخرق ثيابه إلى الذيل، ولم يُرِق ماء الورد على القبر». انتهى.

ومن جمع بين سُنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القبور، وما أمر به ونهى عنه، وما كان عليه أصحابه، وبين ما عليه أكثر الناس اليوم: رأى أحدهما مضادًّا للآخر، مناقضًا له، بحيث لا يجتمعان أبدًا.

فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة إلى القبور، وهؤلاء يصلون عندها.

ونهى عن اتخاذها مساجد، وهؤلاء يبنون عليها المساجد، ويسمونها مَشاهد؛ مضاهاةً لبيوت الله.

ونهى عن إيقاد السُّرج عليها، وهؤلاء يوقفون الوقوف على إيقاد القناديل عليها.

ونهى أن تُتخذ عيدًا، وهؤلاء يتخذونها أعيادًا ومناسك، ويجتمعون لها كاجتماعهم للعيد أو أكثر.

وأمر بتسويتها، كما روى مسلم في «صحيحه» (٢) عن أبي الهَيّاج


(١) م: «إلزامها».
(٢) برقم (٩٦٩).